التخطيط البيئي بين الآليات القانونية والادارية ومدى مواكبة التخطيط العمراني للبيئة في الجزائر

Author

قسم علوم الأرض - معهد الهندسة المعمارية وعلوم الأرض جامعة سطيف 1 – الجزائر

Abstract

تعتبر مهمة حماية البيئة من أعقد القضايا نتيجة  لطبيعتها التركيبية و التي تمتد الى العديد من القطاعات، و نتيجة  لخطورة الآثار السلبية  لمظاهر التلوث البيئي في الكثير من الحالات ، فان أغلب البرامج  الوقائية ترتكز على آليات الاحتراز و الحيطة ، معتمدة في ذلك على اخضاع كل المشاريع الاقتصادية الجديدة الى البعد البيئي و أثر ها على البيئة.
لقد زادت المشاكل البيئية  تفاقما بسبب آليات تنظيمية  قانونية  مجزأة  و قليلة التطبيق  ووسائل ممارسة السلطة العمومية  ضئيلة، فحتى بعد اصدار نصوص تشريعية  و تنظيمية الا أن المؤسسات البيئية ما تزال قليلة التأطير و التمويل  ولا تتوفر لها حتى الآن دواعي فعلية لتأدية مهامها على الوجه اللائق.
كما تتطلب فعالية الآليات  و الخطط الوقائية تحديد السياسة العامة للبيئة  ذات الطابع المستقبلي ، تليها مجموعة من القواعد التحفيزية  في شقها المالي التي تساعد على تجسيد تلك الرهانات البيئية .
من الناحية القانونية ، حدث اختلال جوهري في وظيفة المسؤولية المدنية التي تقوم على أساس جبر الأضرار ، و هو ما لا يستجيب لأهداف التخطيط البيئي الذي يقوم على أساس اتقاء الأضرار البيئية ، مما تطلب القيام بمراجعة قواعد المسؤولية المدنية لمبدأ الاحتياط من خلال ادراج نظام الخبرة. كما تمت معالجة السلوك الاجرامي في بداية الأمر وفقا لمنظور ضيق يقوم على حماية العناصر الطبيعية المنضوية تحت سلطة الملكية ، مما استثنى عددا من السلوكات التي تضر بالعناصر الطبيعية غير المملوكة لأحد .
كما عرف التنظيم الإداري الجزائري المكلف بحماية البيئة عدم الاستقرار والتذبذب وتناوبت عليه مختلف الدوائر الوزارية ، حيث لم يستقر التكفل بحماية البيئة إلا مؤخرا في سنة 2001  بإنشاء  وزارة مكلفة بحماية البيئة وذلك بتحديد صلاحياتها بصفة  دقيقة  وواضحة  تسهر على التكفل بحماية البيئة.  لقد عجزت السلطة في وضع هيكل مستقر لادارة البيئة ما أفرز عدم الوضوح في المهام والمسؤليات لوقت طويل.
أدى غياب المعطيات الكافية حول حالة البيئة في الجزائروعدم وجود تقويم موضوعي  و علمي الى تدهور الموارد الطبيعية  و استحالة ايجاد مخططات اقتصادية تحقق التنمية المستدامة ، لصعوبة تقدير التكاليف الحقيقية للحلول التقنية ضمن الآليات الاقتصادية التحفيزية . كما تتطلب المتابعة التقنية للأخطار البيئية ، التي تستدعي مقاربة النتائج  و الأبحاث العلمية الى اجراءات ادارية و قانونية احتراما لقواعد وشروط العناصر البيئية. كما بقيت وسائل الرصد و المتابعة لنوعية المنظومات البيئية محدودة  و الروابط القطاعية المشتركة بين الوزارات و المؤسسات البيئية  روابط  واهية  و دور المجتمع المدني هامشي، فالمحافظة على البيئة هي المحافظة على الحياة  و التي تفرض بدورها حتمية الحماية بالمنظور القانوني والسلوك الاجتماعي و خيارات التنمية المستدامة.
ان التقييم السلبي للسياسة الوقائية لحماية البيئة في الجزائر و الذي ميز السنوات الماضية ، نراه حاليا في مرحلة انتقالية تعرف تحسينا في الاطار التشريعي و الهياكل الادارية المركزية و المحلية و التي تواجه نقص الفعالية نتيجة للتراكمات السلبية  الموروثة و المكتسبة منذ الاستقلال، الا أن الدولة الجزائرية لها الرغبة القوية في التغيير نحو ما هو أفضل.